ابدأ رحلة طفلك التعليمية!

سلسلة (كيف تتحدث فيُصغي المراهقون إليك، وتصغي إليهم عندما يتحدثون؟)

الجزء الثاني

أبناؤنا ليسوا ملكيةً خاصة، ليسوا روبوتات آلية محور هدفهم هو الطاعة الجامدة وتنفيذ الأوامر، بل هم هبةٌ من الله، وفرصة للنماء والتطوير والتحسين المستمر في البشرية، هم تحدٍ كبير لوالدَيهم ليخرجوا أجمل ما فيهم، وليطوّروا من نقاط قوتهم، ويعالجوا نقاط ضعفهم ويحسنوا التعامل معها، أبناؤنا كيانٌ مستقل له تفكيره الخاص ومشاعره التي لا بد أن تحترم وينظر إليها بعين الجدية والتقدير.

كنتُ قد سلطّتُ الضوء في الجزء السابق على الطرق العفوية التي تبدر منّا فنتجاهل فيها مشاعر أبنائنا المراهقين، واليوم سأسوق لكم أمثلة عملية للمهارات الأساسية للتعامل مع أطفالنا المراهقين حين تعرضهم للمشاكل أو شعورهم بالضيق.

إليكم الرسوم التوضيحية التالية التي تتضمن هذه المهارات بصورةٍ عملية:


تنويه: هذا المثال كما ذُكر في الكتاب، مع التأكيد على عدم تبنينا لثقافة (المصاحبة).


هذه الرسومات تمثل لغةً جديدة للتحدث مع أبنائكم المراهقين، وكأي لغةٍ جديدة تودّون تعلمها، لا بد من التمرن عليها جيداً، وتطبيقها على مختلف المواقف اليومية التي تمرّون بها مع أبنائكم المراهقين، إلى أن تصبح جزءاً منكم.

والآن، بعد أن اطّلعتم على هذه المهارات، دعونا نستذكر بعض أفكار المراهقين التي ذكرتها لكم في الجزء الأول ونورد الردود الصحيحة عليها:

“استمعنا اليوم لمحاضرة مطولة عن المخدرات، ألقاها أحد رجال الشرطة، يا له من عاجز! لقد تمثل كل ما حاول القيام به في إخافتنا”

  • تظنّ إذاً أنه كان يبالغ ويحاول إخافة الأولاد كي يبقوا بعيدين عن المخدرات؟
  • تُنفّرك أساليب الترويع بالفعل
  • يبدو أنك تتمنى لو أن البالغين يقدّمون المعلومات فحسب دون أية مؤثرات أخرى، ويثقون بقدرة الأولاد على اتخاذ القرارات المناسبة

“لمَ يتعيّن عليّ دائماً أن أقوم بأخذ القمامة خارج المنزل؟”

  • أعلم مدى كرهك لذلك
  • ليس ذلك بالعمل المفضل لك، لنتحدث غداً عن التناوب في القيام بذلك، أما الآن فأحتاج مساعدتك
  • ألن يكون من الرائع لو أخذت القمامة نفسها إلى الخارج!

” لا أكترث لإصابتي بالحمّى، ولن أفوّت حضور تلك المباراة الحاسمة أبداً”

  • ياله من حظٍ سيء أن تمرض اليوم دوناً عن باقي الأيام! كنت تتطلع لحضور هذه المباراة منذ أسابيع
  • أعلم أنك تتوق لحضور المباراة، ولكن المشكلة تكمن في ارتفاع حرارتك ووجوب بقائك في السرير نتيجةً لذلك
  • لا بد أنك تتمنى عدم تفويت هذه المباراة، مع علمك بإقامة الكثيرمن المباريات الأخرى فيما بعد

لا بد من أن الفرق قد اتضح أمامكم الآن أكثر، وبدأتم في تفهم الآلية التي يجب عليكم اتباعها.

إليكم مثالاً آخر سأورِد فيه تطبيقاً لكل نقطةٍ على حدة:

“يا إلهي! ما الذي سأفعله؟ لقد التزمت بعملٍ جُزئيٍ يوم السبت، ولكن صديقي اتصل الآن ودعاني لرحلة مميزة في نفس اليوم!”

  • ناقشوا الأفكار والمشاعر: تبدو في حيرةٍ من أمرك، حيث تودّ الذهاب إلى الرحلة مع صديقك، ولكنك لا ترغب في التراجع عن التزامك بذلك العمل
  • اعترفوا بالمشاعر عبر الكلمات أو الأصوات: آهه!
  • قدموا عبر الخيال ما لا يمكنكم تقديمه في الواقع: ألن يكون من الرائع لو استطعت استنساخ نفسك إلى اثنين بحيث تتمكن إحداها من القيام بالعمل الجزئي، والأخرى الذهاب إلى الرحلة!
  • اقبلوا المشاعر بينما تعيدوا توجيه السلوك: أعلم مدى رغبتك في الذهاب إلى الرحلة مع صديقك، ولكن المشكلة تتمثل في أنك التزمت بالعمل في نفس اليوم، إنهم يعتمدون عليك

قد يتساءل أحدكم:
بعد كل هذا التفهم لأبنائنا، متى يمكن لنا أن نتكلم عما نعتقده أو نقدره؟
في الحقيقة سيتوفر الوقت على الدوام كي توصلوا رسائلكم لهم، ولكن فرصة الإصغاء إليكم ستصبح أفضل إن ولدّتم الإنطباع لديهم بوجود من يصغي إليهم، وتذكروا أنهم حتى عندما تقومون بذلك ربما سيتهمونكم بعدم التفهم أو اللاعقلانية أو الرجعية، لكن ذلك لا يعني بأي من الأحوال عدم رغبتهم مع كل انتقاداتهم واعتراضاتهم في معرفة موقفكم بحذافيره، حيث تلعب قيمكم ومعتقداتكم دوراً حاسماً في تحديد خياراتهم.

وكما يقولون (الثقافة هي: التغير في السلوك)، دوركم الآن أن تقوموا باختبارهذه الطرق وتطبيقها في منازلكم، ولنتخذ من مدوّنتنا هذه فرصةً لتبادل الخبرات والتجارب، ومكاناً حقيقياً لصناعة فرقٍ فعلي في بيوت كل واحدٍ منكم. اكتبوا لي في خانة التعليقات كيف جرت تجاربكم مع أبنائكم، ولنتشارك الفائدة معاً.

لم تنتهِ هذه السلسلة بعد فانتظروا المزيد…


هديل قاسم
كتاب: كيف تتحدث فيُصغي المراهقون إليك، وتصغي إليهم عندما يتحدثون؟
تأليف: إديل فابر – إلين مازليش

اضغط هُنا لقراءة الجزء الأول

اضغط هُنا لقراءة الجزء الثالث